ناديا هاشم / العالول تتمحورالتوجهات الملكية حول الاستثمار بالإنسان وبناء طاقاته وإطلاق العنان لقدراته فيكفينا فخرا أن تخلو الأرياف والبوادي فضلا عن المدن الأردنية من نسب الأميّة، كما باتت بيوت الأردنيين غنية بحملة الشهادات العليا، إذ ترسخت ثقافة الرغبة بالتعليم ونيل الشهادات فارتفعت نسبة المتعلمين على مدار العقود الماضية لنكون بمقدمة الدول العربية .. وهذه خطوة لا بد من دعمها بخطوات .. فدعونا نتساءل:هل التعليم الذي بين ايدينا قادر فعلا على تنمية الوعي ؟ نعم الوعي الذي يتاتى من ممارسة ايجابيات العلم الذي ننهل منه .. علم منهجي ولا منهجي يخرجنا من الظلمات للنور .. علم نمارسه تطبيقا على ارض الواقع سلوكا وفعلا وعملا وانجازا دون ان يتجمد بزاوية مكانك قفْ لا يغادر دائرة التنظير..علم يجنِّبنا تطبيقه الكلّي التخبّط بعتمة الجهل وظلامه ، فيراكم نتائجه الإيجابية محدثة قفزة نوعية بثقافتة المجتمعية بشرط أن لا يكون التطبيق منوطا بأفراد او مجموعات متفرقة لا ثقل لها بإحداث النقلة النوعية نحو الوعي الذي نريد .. فما احوجنا الى علم يٌستفاد منه ليكون بمثابة المِشعَل الذي يخرجنا من الظلمات الى النور.. فلا فائدة من علم مهمَّش لا يتم تجييره لتقديم الحلول ومعالجة العلل .. فالتعليم اساس كل حلّ إن تم َّتفعيله وأساس كل علّة إن تم تجميده ليبقى بمثابة حبر على ورق .. كيف نفعِّل التعليم ؟ وقبلها نتساءل : "لماذا نتعلّم" ؟ بالمناسبة هذا يذكّرني بأول درس بكتاب القراءة للصف الثالث الابتدائي .. "لماذا نتعلم" ؟ نعم .. درّسونا بالزمن الجميل عن اهمية التعليم ونجحنا بحينها بتطبيق حيثياته على ارض الواقع في حين أخفقنا الآن إخفاقا ذريعا ..فالتدهور السلوكي على أشدّه وكذلك العملي .. والانجازي .. وهذه حقيقة تعكسها إحصائيات واقع أليم .. وكيف لا ؟ والبلدان النامية بما فيها البلاد العربية تشترك معا بقاسم مشترك أعظم .. فهي ما تكاد تبني حتى تُهَدّم .. وما تكاد تُعمِّر حتى تدَمّر .. وما تكاد تتقدم حتى تتراجع ..حتى أعياها الرحيل المتذبذب بين الرغبة الفعلية للإنجاز والنزعة الخفيّة المخفيّة لتخريبه ..ونتيجة لهذا المسلسل "المُلَقْلَقْ" تفشّت حالة من عدم اللامبالاة المُزْهقة لروح الإنجاز اللازم لتحقيق مشروع حقيقي متطور يحمل بين ثناياه وعود التنمية والتقدم .. نكاد نُجْمِع على أن الفشل ليس المحطة النهائية لأية مسيرة مهما كان نوعها. . فالإخفاق هو جزء لا يتجزأ من مسيرة النجاح ولكن بشرط النهوض من كبوتنا متعلمين من أخطائنا .. فالمعضلة تكمن عندما يشكّل التراجع النسبة الأكبر بعمليتيْ النمو والتنمية لتفشّي آفات الإخفاق التي أمحلت الزرع وجففت الضرع لقطيعة دائمة بين العلم والعمل .. فالمفروض ان يترك التعليم اثره الإيجابي على البني آدمين .. فهل يعقل ان يبقى العلم بواد ..وعمل "البني آدم" بواد آخر؟ وهكذا نتيجة لهذا الإقصاء الفاصل لهما تنمو التنمية بواد "غير" ذي زرع .. فكما نزرع نحصد والعكس صحيح! ولا عجب ان تتخبط بعض الشعوب النامية بظلمات الجهل بغض النظر عن توالد أعداد حملة الشهادات العلمية لكونها تعلم ولا تعمل، فيبدو ان استخدام العلم كمرجعية يشقيها وهي تريد السعادة بعيدا عن الشقاء وتعب البال دون ان تدرك بأن نتائج هذه القطيعة مع العلم ستغرقنا نتائجها ببحور من التعاسة والشقاء ! علاوة على ان العلم بأدواته التعليمية من منهاج وأساليب إن لم تكن جميعها على قدر متطلبات الإنسان والزمان والمكان ،متماشية مع الثوابت والمتغيرات رابطة بين الأصالة والمعاصرة وبين القديم والحديث فلا فائدة منها على الاطلاق .. فهل يمكن لثمار شجرة ان تنمو مستقبلا بغياب ساق تربط بين الأصل والفرع تنقل ما تمتصه جذورها من عناصرغذائية لازمة للنمو والنضج والعطاء ؟ نشك بذلك .. فمثلا الإنتخابات وصتاديق الإقتراع هي جزء من مرتكزات العملية الديمقراطية وتقنيتها لكن الأهم السلوك الجمعي الديمقراطي المتأتّي عن تطبيق الديمقراطية سلوكا وعملا تحترم الآخر بعيدا عن آفة مجتمعية تتمحور حول "الأنا اولا ".. فالديمقراطية هي ثقافة وقوانين .. وما تفاقم بعض السلوكيات العشوائية الرافضة لمن حولها ، متجلية بقيادة البعض للمركبات وغيرها ضاربين بالتعددية بعرض الحائط على الصعد كافة متناسين بأن "التعددية" هي ركيزة الديمقراطية الحقيقية ..وبدون التعددية عبر احترام الآخر لا خير بمسرحيات الديمقراطية وتمثيلياتها ! فالتقدم والإنجاز نحصدهما حينما نجد حلولا للعلل عبر تعليم يبث بأرواحنا حب العمل اللازم لتحقيق تنمية مستدامة رافضين الفصل بين العلم والعمل ، مستشهدين بمقولة :"لا خير في أمّة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع ".. ونغرق أكثر بمسلسل ندوات وتوصيات تتجلى بتسابق تنظيري يبثّ ويفنّد أهمية العلم والتعليم فنتساءل متعَبين مرهَقين : إلى اين؟ وكيف نجعل العلمُ بمثابة نور يخرجنا من الظلمات الى النور .. كيف بالله عليكم ..ونحن نرفض تطبيق كلَّ ما نتعلمه؟
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.