د. رحيل محمد غرايبة
هو الشعار المستحق للمرحلة فعلاً، ولكن هذا الشعار له مضامين كبيرة واستحقاقات عظيمة، فهو يمثل انقلاباً حقيقياً في عالم الادارة والسياسية والاقتصاد، فهو ليس مجرد كلام عابر يطلق في الهواء، بل هو في الحقيقة عبارة عن ثورة بيضاء بكل ما تحمل العبارة من معنى ؛ لانها تمس كل صغيرة وكبيرة في جميع مؤسسات الدولة واجهزتها حاضراً ومستقبلاً..
ومن هذا المنطلق، فإن هناك مجموعة اسئلة كبيرة وعديدة تتعلق بعملية اطلاق الشعار تتمثل بمقدار الجدية التي تكتنف هذا التوجه، فهل نحن جادون فعلاً؟ لأن الجدية يترتب عليها أفعال كثيرة وعديدة.
واسئلة اخرى تتعلق بقدرة الاردنيين على دفع ضريبة هذا الشعار، وهل نحن مستعدون لذلك على الصعيدين الرسمي والشعبي؟
ومن هنا ينبغي أن نتصدى للاجابة عن هذه الأسئلة في البدء ونحن في قمة النشاط الذهني ، وينبغي أن نتفق عليها منذ اللحظة قبل عملية البدء بتحويل الشعار الى حقائق قائمة على الأرض.
هذا الشعار العظيم يحتاج الى تحويل الحكومة والشعب الى خلية نحل ، من أجل اتقان عملية التحول بكفاءة، ويترتب على ذلك القيام بالمؤتمرات والورش والاحتماعات والندوات العلمية من ذوي الاختصاص والاهتمام وأصحاب الخبرة والمسؤولية لصياغة برنامج التحول عبر خطوات متدرجة ومجدولة زمانياً، وموزعة على وزارات الدولة ومؤسساتها المختلفة.
شعار الاعتماد على الذات يمكن أن يشكل برنامج عمل وخطة انقاذ للأوضاع المتردية على مختلف الصعد السياسية والتعليمية والتربوية والثقافية والاقتصادية، وهو يصلح فعلاً لخطة عملية اخرى لبث روح الأمل والعزيمة ومقاومة كل عوامل اليأس والاحباط، وذلك عندما ينخرط الأردنيون عن بكرة أبيهم في التخطيط والتنفيذ لانتاج الأردن الحديث المعتمد على نفسه والقوي في ذاته، ضمن الامكانات المتاحة ومن خلال سواعد أبنائه الذين يمتلكون القدرة والعزم.
الشعب الأردني يملك امكانات التحول وهو مستعد للتعاون في انجاح عملية التحول الكبرى على كافة الصعد ، لكنّ هناك شروطا موضوعية لتحقيق مسار الانخراط الشعبي بنجاح في عملية التحول الجاد، ولا بد من الانتباه الجمعي لها بجدية وصرامة، ومن أهمها:
أولاً: الانتباه الى مسألة التكامل بين مسارات التحول بحيث يتم المضي بها بخطوط متوازية سياسياً، واقتصادياً وتربوياً وثقافياً وادارياً.
ثانياً: الانتباه الى موضوع المشاركة الشعبية الفاعلة بمعنى التفكير في طريقة تفعيل الاحزاب السياسية والقوى الوطنية والهيئات الشعبية بطريقة واضحة وشفافة.
ثالثاً: الاستفادة من الجامعات والمراكز العلمية ومراكز البحث والدراسات، وجمهرة الأكاديميين والمتخصصين في كل الحقول ؛ كل في مجاله، ويمكن تحويل الجامعات والكليات الى ورش عمل منتجة في هذا المجال.
رابعا: الاستفادة من الأجسام النقابية لأنها تمثل مجموعات متخصصة في مختلف الحقول، ليقوموا بدورهم على أكمل وجه في اعداد التصورات وأوراق العمل، ومن ثم الانخراط في مسارات العمل.
خامساً: الانتباه الى الناحية الثقافية التي لا تقل اثرا عن بقية المسارات ان لم يكن اكثر واهم ، لأن سياسة الاعتماد على الذات هي في حقيقتها وجوهرها ثقافة مجتمع في المقام الأول قبل أن تكون عملا وتطبيقا حقيقيا ميادين الحياة .