ناديا هاشم / العالول
كلنا نقدّر العلم وأهميته مدركين أبعاد الآية الكريمة
" هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " وايضا
" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " التي آمن بها العرب والمسلمون قديما حتى النخاع وأوسعوها عملا متقَنا وإنجازا، فحصدوا ثمارها الإيجابية لإيمانهم بضرورة اقتران العلم بالعمل مجيّرين أبعاد الآيتيْن الكريمتيْن، آخذين بعين الإعتبار ان العمل المقصود هو ليس اي عمل ، وإنما العمل المتقّن المنجِز المفيد المحقِق للنمو والتنمية ..
ولكن لسبب أو لآخر تراجع اقتران العلم بالعمل وتاه بدهاليز الراحة وأروقة اللامبالاة حتى بات العلم بواد والعمل بواد آخر ، لنعْلَقَ بعدها بحيّز التنظير دون التطبيق مع غياب العمل بروح الفريق الواحد .. فكتاب التكليف السامي الموجّه من الملك عبد الله الثاني لكل رئيس وزراء قادم يطالب بالعمل على معالجة الإختلالات الاقتصادية والمالية، وزيادة الاستثمارات لاستعادة زخم النمو الاقتصادي عبر برامج التصحيح والتحديث الاقتصادي، وتقليص عجز الموازنة ونسبة الديْن للناتج المحلي الإجمالي لرفع معدلات النمو وتحقيق التنمية المستدامة..
وفعلا طالب وزير التجارة والصناعة يعرب القضاة اثناء افتتاحة الندوة الحوارية بعنوان "الاستعمالات المتطورة للإسمنت الأبيض في البناء الحديث" التي نظمَتْها الشركة العربية لصناعة الإسمنت الأبيض ، بوضع استراتيجيات تمزج بين القطاع العام والخاص لأن القطاع العام لوحده ليس بقادر على تحقيق نمو بالناتج المحلي الإجمالي ..فتراجُع الصادرات بين 2015 و 2014 الى
19 % انعكس سلبا على معدلات البطالة التي وصلت الى
( 8 ،15) % ، علما بأن جزءا كبيرا من هذا التراجع يعود للأوضاع بسوريا والعراق ، مطالبا قطاع الانشاءات بتطوير نفسه بما فيها شركة الإسمنت الأبيض ،لأن الفرصة باتت مفتوحة للمشاركة بإعمار سوريا والعراق حيث ستمنح الحكومة للقطاع الخاص دورا كبيرا بذلك مع توجه الحكومة لتقديم الحوافز للقطاع الخاص ..
وطالب أمين عام مجلس الوحدة الإقتصادية العربية محمد الربيع بتجيير استراتيجيات تنتقل بنا للعمل الجماعي محليا وإقليميا ..
بدوره تحدث مدير عام الشركة العربية لصناعة الإسمنت الدكتور خالد الطراونة مبينا ان الإسمنت الابيض متعدد الأصناف يصل الى 27 صنفا وليست صنفا واحدا ، ويتميّز بخصائص بناء تحفظ الحرارة اكثر من الحجر ، ويجدر تسويقه محليا وعربيا مبتدئين باستعمال القصارة البيضاء بعمان الشرقية تماما كما في استانبول ..
وتطِلَ مقالة فهد الفانك علينا بأرقام حقيقية تعكس أهمية زيادة الناتج المحلي الإجمالي لتخفيض المديونية عبر تراجع أرقامها المنوط بنمو الناتج المحلي الإجمالي بدرجة أسرع من نموّ المديونية ، مشيرا بدوره الى جدول ببرنامج التصحيح الاقتصادي يوضح كيف يمكن ان يؤثّر النمو بالناتج المحلي إيجابا على تراجع الارتفاع بالمديونية ..
فيَسمح الجدول للحكومة بان ترتفع مديونيتها في 2017 الى ( 4 ، 1 ) مليار بشرط ان يكون الناتج المحلي الإجمالي ( 6 ، 1) مليار .. ثم في 2018 يُسمح للحكومة ان ترتفع مديونيتها الى( 900 ) مليون بشرط ان يكون الناتج المحلي الإجمالي ( 8 ، 1) مليار .. ويُسمح للمديونية ان تصل الى
(300 مليون )بسنة 2019 مع نمو بالناتج المحلي الإجمالي الى (1 ، 2) مليار ..
لاحظوا ان المديونية تتراجع تدريجيا مقابل ارتفاع بنمو الناتج المحلي الذي ينمو بمعدل أعلى مما يؤثر ايجابا على تخفيض المديونية تخفيضا واقعيا ..
معلقين بدورنا بأن هذا الثالوث :" المديونية ، الناتج المحلي الإجمالي ، الاقتراض " ، لن يتوقف ، ولكن بالحكمة والإدارة الرشيدة والاستراتيجيات الإقتصادية والمالية نستطيع زيادة ما يتوجب زيادته وتنقيص ما يتوجب تنقيصه .. فقط مسألة حُسْن نظر !
بالمناسبة نؤيد النداءات المطالِبة بتدريس الثقافة المالية بمدارسنا كمواد منهجية لتوسيع مدارك طلابنا بهذا المجال ، ولكن بشرط ان تُدَعّم ببنية تحتية ذات قوانين نافذة وثقافة تقاوم الفساد والهدر للمال العام ..
فما فائدة العلم والمعرفة بظل بنية تحتية ثقافية وقانونية مهترئة رفعت فاتورة الماء والكهرباء لتشكّل ما نسبته
(6 ،6) مليار من المديونية نتيجة الهدر والسرقة ؟
علما بأن مادة "التجارة" من محاسبة ومَسْك دفاتر وفتح الإعتمادات البنكية الخ كانت تُدرّس ايام زمان بالمدارس بالصفوف الابتدائية والإعدادية للذكور، اضافة الى مادة الزراعة ..
بالمناسبة روى أحد رجال الأعمال كيف كان يرسله جدُّه كل جُمْعة لوحده بالباص بسنِّ الثانية عشرة ، ليحصّل الديون بالنيابة عنه ، منمّيا بعمله هذا الإحساس بالمسؤولية وبالثقافة المالية المفقودة عند ناشئة اليوم ..
كانت ثقافة العمل والإنجاز والتنمية تنزرع بصورة طبيعية بالأجيال ، تقابلها الآن ثقافة الاستهلاك التي أصبحنا فيها متمرّسين ، فحياتنا اليومية استهلاك باستهلاك دونما انتاج ..
فالأمهات المربيّات للأجيال مستهلِكات بالمقام الأول بعيدا عن ثقافة التدبير والاقتصاد المنزلي التي تربّت عليها الأجيال السابقة ..
وبعد ذلك نتساءل لماذا تتقوْقع شعوبنا بزاوية
تعلَم .. ولا تعمَل !