علي القيسي
أعني صراع أمريكي روسي في سوريا ، منذ دخول روسيا على خط الأزمة السورية في عام 2015 حين كان نظام الاسد على وشك السقوط وتدخلت القوات الروسية بكل ثقلها لمنع الثوار من احتلال دمشق ، واستخدمت كل مالديها من ترسانة عسكرية لمنع سقوط النظام ، كانت امريكا انذاك تدعم بعض الفصائل الكردية والعربية بهدف محاربة داعش. ومازالت تدعم قوات سوريا الديمقراطية في محاربة داعش وليس النظام ،الموقف الامريكي في سوريا ضبابي وغامض منذ عهد الادارة السابقة أوباما ، ولغاية الآن في عهد ترامب، لم يكن للتواجد الامريكي في بعض المناطق السورية سوى للمناكفة والتأكيد على الدور الامريكي مقابل الدور الروسي الاساس، فأمريكا لم ترد اسقاط النظام منذ البداية ولم تفكر يوما بتغيير بشار الاسد ، لاعتبارات كثيرة أهمها أمن اسرائيل ، فغياب الدولة السورية يخلط الاوراق فلا يمكن التكهن ماذا سيحدث بعد انهيار الدولة والنظام السوري ويكون البديل المنظمات الارهابية خاصة داعش، برغم ان فصائل المعارضة المعتدلة عبر الاعوام الماضية قد تقلصت واصبحت لاتشكل النسبة الكبيرة في خارطة الثورة السورية. فقد دخلت فصائل ومنظمات كثيرة الى الاراضي السورية لخلط الاوراق وشيطنة الثورة السورية من ثورة سلمية مدنية الى ثورة مسلحة مدعومة من قبل جهات كثيرة خارجية ،وأهم هذه المنظمات الارهابية داعش، ودخول داعش على خط الثورة السورية اربك الموقف العالمي والدول الصديقة التي تدعم ثورة الشعب السوري ، مما أثر تأثيرا عميقا على دعم ثوار سوريا في السلاح والتدريب ،حيث منع عنهم السلاح المؤثر مثل سلاح فتاك ضد الطائرات ،وكانت امريكا قد وعدت الثوار بالسلاح الفتاك على مدى الاعوام الماضية ولكنه لم يصل بسبب وجود منظمات ارهابية غير ثورية ربما تحصل على هذه الاسلحة الفتاكة وتستخدمها ضد اهداف محظورة . ولكن الصراع الروسي الامريكي ازدادت وتيرته بعد سلسلة من المفاوضات التي تجريها المعارضة مع النظام بترتيب روسي، على مدى السنوات الماضية حيث ان لادور لامريكا في هذه المفاوضات سوى دور المراقب، وهذا الامر ارادته امريكا منذ البداية في دورها الهامشي في الازمة السورية وبالاتفاق مع روسيا التي اصبحت هي (الكل بالكل) في سوريا ، الآن بات الموقف محرجا لامريكا في ظل تقدم المفاوضات ومناطق تخفيف التصعيد، فالقوات الامريكية الرمزية في سوريا والتي تدعم الاكراد في الرقة وفي الشمال والحدود مطالبة بالانسحاب من سوريا في حال تم الاتفاق على السلام بين النظام والمعارضة ،وايضا القوات التركية مطالبة بالانسحاب الفوري من سوريا وخاصة في ادلب والشمال السوري، وروسيا تقولها بالفم المليان ان لاوجود شرعي للقوات الامريكية في سوريا ،وعليها الانسحاب بعد ان تم القضاء على داعش، أما الجانب الامريكي فهو يصر على زيادت نفوذه في سوريا من خلال تدريب جيش جديد بدل المعارضة وهذا الجيش سمي بالجيش السوري الجديد بحجة محاربة داعش الذي ربما يعيد تنظيم صفوفه في الاراضي السورية، هذه التطورات الامريكية المفاجئة اربكت الروس، وجعلتهم يعلنون عن خطط استرتيجية وتكتيكية جديدة في سوريا مثل ادامة تواجدهم العسكري في سوريا بالاتفاق مع النظام لمدة خمسين عاما ، وتطوير ترسانتهم العسكرية وتوسيعها على الاراضي السورية مما جعل الامريكان يقابلون هذه الخطط الروسية بالمثل في الشروع في تدريب قوات سورية جديدة ودعمها بالاسلحة بحجة محاربة الارهاب القادم من داعش وغيرها ،اذن امريكا روسيا تركيا ايران ومليشيات حزب الله لاتريد الانسحاب من سوريا طالما الامر يستدعي ذلك او لايستدعي، فهذا البلد سوريا اضحى ضعيفا جدا ولن يستطيع العودة الى ماكان عليه قبل سبعة اعوام ، والاسد لايحكم بلده كما كان وهو يتلقى اوامره من روسيا وايران ولا يستطيع الاستغناء عن وجود هذه الدول في سوريا لحماية نظامه من المفاجآت ،