بقلم عبدالله محمدالقاق
...ولا تزال حكومة اقليم كردستان ماضية في إجراء الاستفتاء في موعده المقرر في الخامس والعشرين من الشهر الجاري ، على الرغم من الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية على تأجيله. والوقع إن المسألة ليست في إعلان الدولة الكردية بل في قدرتها على الاستمرار والتطور، إذ يشهد الإقليم حالة انهيار سياسي واقتصادي لدرجة عدم توفير أبسط الخدمات للمواطن كالكهرباء والماء ورواتب العاملين في الدوائر الحكومية. يحدث هذا بالرغم من تصدير 580 ألف برميل نفط يوميا. وتعد تجربة جنوب السودان نموذجا قريبا لحالة الإختلاف بين الرغبة الذاتية والظروف المحيطة بتلك الرغبات. وفي هذا الصد د قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن قرار مجلس محافظة كركوك الانضمام إلى استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق "أمر مرفوض وخاطئ"، مؤكدا أنه "إجراء غير دستوري ولا قيمة له". وأضاف العبادي خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر إقامته في بغداد عقب ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء، أن القرار يؤدي إلى اتساع هوة الخلافات بين بغداد وأربيل. وكانت أغلبية أعضاء مجلس محافظة كركوك (شمال بغداد) قد صوتت بالموافقة على انضمام المحافظة إلى استفتاء استقلال كردستان العراق المقرر إجراؤه الشهر المقبل. وقد رفضت الكتلة التركمانية في مجلس النواب العراقي والأعضاء العرب في مجلس كركوك نتائج تصويت مجلس المحافظة. وقالت الكتلة التركمانية إن إدارة كركوك التي يهيمن عليها الأكراد وقائمة كركوك المتآخية أثبتت مجددا "أنهم لم يعودوا يعترفون بأي شراكة في المحافظة، وينتهجون نهجا أحاديا انفراديا ضاربا بعرض الحائط الدستور العراقي والقوانين النافذة". كما اعتبر المكون العربي في محافظة كركوك أن التصويت الذي تم -في ظل غياب المكونين العربي والتركماني- "غير دستوري، ولسنا ملزمين بأي إجراءات مستقبلية قد تؤدي إلى تغيير حال المحافظة". وكان الأعضاء التركمان والعرب في مجلس محافظة كركوك قد قاطعوا جلسة التصويت احتجاجا على بحث الموضوع الذي اعتبروه غير قانوني، في حين حضره الأعضاء الأكراد. ونددت تركيا بالتصويت، معتبرة أن تصرفات الإقليم الكردي "الخطيرة" تضر باستقرار المنطقة، واعتبرت وزارة خارجيتها في بيان أن تصويت مجلس كركوك حلقة ضمن سلسلة الأخطاء التي يشكل قرار إقليم كردستان العراق إجراء الاستفتاء أولى حلقاتها. ولا تعتبر كركوك ضمن الحدود الإدارية لإقليم كردستان العراق، لكن قوات البشمركة الكردية تسيطر عليها، كما تهيمن القوى السياسية الكردية على منصب المحافظ. وتتشارك في عضوية مجلس المحافظة قوى سياسية تمثل الأكراد والعرب والتركمان. والواقع إن من حق الشعب الكردي ومعه المكونات القومية الأخرى في كردستان أن يقرروا مصيرهم بما في ذلك إعلان الدولة المستقلة، فهي حقيقة لا اختلاف حولها في الداخل الكردستاني. أما تحديد موعد الاستفتاء كمقدمة للاستقلال من خلال اجتماع حزبي بعيدا عن البرلمان المُعَطل منذ أكثر من سنتين فهذا يعني خلق حالة اختلاف (كردي - كردي) لا على مبدأ الاستفتاء، بل على آليته وتوقيته ومن مبدأ التفرد بالقرارات المصيرية لشعب كردستان. إضافة إلى ذلك، هناك أولويات أخرى منها محاربة داعش الاجرامية الذي يبعد مسافة 20 كم عن كركوك المتنازع عليها. ونحن بحاجة إلى حل لهذه المشاكل قبل الإعلان عن الدولة. ويقول الكرد في تبريراتهم بالنسبة للاستفتاء انه بعد قرن من الزمن وتحديدا بعد إتفاقية سايكس بيكو وما نتج عنها من تقسيم لأراضي كردستان، فإن الشعب الكردي هو الضحية الأكبر في المنطقة. وظننا أن الحقبة السوداء في عام 2003 حيث سارعنا إلى بغداد لوضع أسس دولة ونظام جديدين يحفظ حقوق كل المكونات بشكل ديمقراطي. وبالرغم من تشبثنا بإنجاح التجربة والحفاظ على عراق اتحادي، إلا أن النظام الحاكم في بغداد كما يزعم الكرد تحول إلى نظام ديني طائفي، أقصى كل المكونات المختلفة بمن فيها الكرد حيث تم خرق الدستور في أكثر من 50 مادة، متمثلة في تهميش وإقصاء الإقليم من حصته من الموازنة السنوية، وايقاف مرتبات مليون ونصف موظف في الإقليم لحد يومنا هذا، بهدف نشر الفقر والفوضى وإيقاف عجلة الازدهار الذي تميز به الإقليم. ولذلك لم يكن أمام القيادة السياسية في إقليم كردستان أمام ضغط الشارع الكردستاني إلا الذهاب إلى خيار الاستفتاء على حق تقرير المصير، وهو ممارسة ديمقراطية حضارية تعتمد الحوار والتفاوض.والهدف من الاستفتاء ليس إنشاء الدولة الكردية، بل التغطية على المشاكل الداخلية في إقليم كردستان وبقاء القادة الكرد في السلطة لمدة ٢٦ سنة ويقول الكرد اننا لم نسمع أياً من الأصوات التي تعارض الاستفتاء عندما تم تدمير 4500 قرية كردية، وحرم مواطنو الإقليم من حقوقهم الدستورية وقصفت حلبجة بالكيماوي وقطعت حصة الإقليم من الموازنة. التقصير مستمر بحق قوات البيشمركة مقارنة بالدعم الذي يقدم لقوات الحشد الشعبي والجيش العراقي، هناك تهديدات مستمرة لحكومة الإقليم من قبل الحكومة الإتحادية وإجحاف بحق مواطني الإقليم مقارنة مع المواطنين العراقيين في وسط وجنوب العراق.