أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات ما معنى ان يصاب اليمن بالكوليرا .. ؟

ما معنى ان يصاب اليمن بالكوليرا .. ؟

12-07-2017 01:25 PM


د. رحيل محمد غرايبه
حذرت مصادر منظمة الصحة العالمية من خطورة الأوضاع الصحية في اليمن في ظل تزايد عدد الوفيات نتيجة إصابتهم بداء "الكوليرا" حيث تم إحصاء عدد الإصابات التي تم تشخيص حالاتها بـ (23425) إصابة في "18" محافظة منذ 27 نيسان الماضي، وتتوقع المصادر زيادة عدد الحالات بشكل كبير خلال المدة الفريبة القادمة ، وتقدر بـأنها سوف تصل إلى (200) ألف إصابة خلال الستة اشهر القادمة، وإذا لم يتم معالجة الأمر بقدر كبير من السرعة والجدية من قبل دول العالم فسوف ينتشر الوباء بطريقة لا يمكن السيطرة عليها، وقد أعلنت السلطات اليمنية في صنعاء والتي تخضع لسيطرة الحوثيين أن صنعاء منطقة منكوبة.
انتشار الكوليرا دائماً يكون نتيجة ظروف التخلف والفقر المدقع والظروف الاستثنائية وغير الطبيعية ؛ حيث أن انعدام البيئة الصحية في اليمن بسبب الحرب الأهلية والتنازع على السلطة، وبسبب ظروف النزوح الجماعي للسكان من مدنهم وقراهم وأماكن سكناهم إلى مناطق غير مؤهلة ولا تملك مقومات الحياة الانسانية ، وغير قادرة على تقديم العلاج والعناية الصحية اللازمة، وغالبا ما يكون أكثر الضحايا من الأطفال في ظل عدم توفر الحد الأدنى من الغذاء والدواء.
أن يصاب بلد عربي في القرن الواحد والعشرين بداء الكوليرا يعد عاراً في جبين العرب جميعا، ويشكل علامة من علامات السقوط الحضاري ومؤشرا على الاندثار والتلاشي، ويكبر العار بحجم الثروة العربية والتفاوت الطبقي الشنيع بين الشعوب العربية في المنطقة الواحدة، ويشكل دليلا عمليا قاطعا على اختلال الأولويات لدى ارباب الحكم والسلطة ، بالاضافة الى اختلال معايير الأخوة في الدين والقومية والتاريخ والأرض واللغة.
نحن نعيش الاختلال المزري بكل مضامينه، ونعيش حالة اجتماعية يرثى لها وتستعصي على الوصف، عندما يتأكد لدينا أننا قادرون على معالجة الأوضاع لو وجدت الإرادة ولو وجدت السياسات الحكيمة القادرة على إدراك الأولويات وتقويم الخسائر التي تتعرض لها في ظل افتعال الحروب الطاحنة داخل أقطارنا العربية وليس لشعوبنا العربية فيها ناقة ولا جمل، ولو قدر لأصحاب الشأن أن يختاروا المسار السلمي القائم على الانفاق المالي في تحسين الظروف الاجتماعية والصحية، لكانت الكلفة أقل بكثير من نفقات الصراع والتسلح.
لقد اختارت الدول الكبرى التي تحكم قبضتها على منطقتنا العربية سياسة إشعال الحروب واصطناع الأعداء الذين يثيرون الخوف في أوصال الأنظمة العربية ، من أجل الاقبال على شراء الأسلحة، ومن اجل عقد الصفقات الكبرى التي تتجاوز في قيمتها مبالغ الانفاق على التعليم والصحة والمواصلات والغذاء والدواء مجتمعة ، ولو قدر للعرب أن يتفقوا وأن لا يشعروا بالخوف من بعضهم وجيرانهم من القوى الإقليمية، لأدى ذلك إلى تباطؤ انتاج مصانع الأسلحة العملاقة لدى الدول الصناعية الكبرى، ولذلك فإن الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وغيرها من الدول الصناعية الاخرى حريصة أشد الحرص على استنبات بذور العداء بين الدول النامية والمستهلكة، ولو لم تكن إيران موجودة لأوجدوها، ونحن في الوقت نفسه لدينا القابلية المدهشة للاستجابة لسياساتهم بسبب تخلفنا وسوء ادارتنا ، وبسبب اؤلئك الذين جعلوا من شعوبهم وقوداً لحروب داحس والغبراء، وأهدروا مقدرات دولهم في تدمير ذاتهم وصناعة فقرهم وإدامة عجزهم.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :