ناديا هاشم /العالول
مؤتمرات ثلاث شاركنا بها مؤخرا بدول عربية بخلال فترة وجيزة تزاحمت كلها كأي شيء آخر قبل بداية شهر رمضان ..
ولكن المدهش ان المؤتمرات تتعلق غالبيتها بالمرأة ..اولها "المرأة والاقتصاد "بدولة الكويت وبجامعة الكويت تحديدا.. وثانيها " المرأة العربية قوة التاثير نحو قيادة التغيير "بدبي كنشاط سنوي يقوم به "صناع التغيير " ومركز التفكير الإبداعي الأردنييْن .. وثالثها بعمّان .. ملتقى "التربية المدنية والتنوع الديني في تعزيز السلم المجتمعي ومناهضة العنف"....
حيث كانت مداخلتي بملتقى التربية المدنية حول "دور المرأة العربية كشريك فاعل في كافة المستويات في تفعيل الحوار الديني لمواجهة العنف"، .. طبعا بداية باتقان فن الحوار أولا ..بالبيت والمدرسة والعمل ..فإن اتقنته ستتقنه على الصعد كافة حتى بالحوار الديني بحالة فتح المجال لها وقبول حوارها ..
فالهدف من كتابة المقالة ليس لتعداد المؤتمرات كما سيعتقد البعض .. وانما للفت النظر الى هذا الزخم الكبير الذي يحيط بالمرأة العربية ..
ولو قارنا ما بين كمية التنظير المحيط بقضاياها .. وكمية التطبيق بهذا المجال فحتما سينتابنا التعجب مرددين المثّل المصري :
" اسمَع كلامَك اصدّقُه .. اشوف أحوالَك اتعجّب !
أما لماذا هذا المثل ؟ لكونه يسير يدا بيد مع واقع المرأة العربية المعكوس، فكلما كثرت المؤتمرات والندوات والتوصيات كلما تراجع وضع المرأة العربية،و تراجعها هذا يسير يدا بيد مع الواقع العربي العام.. وهي جزء من هذا الواقع المرير الأليم الذي لم يتوقعه الكثيرون .. صحيح أن نسبة توقعته لرصدها الوقائع ومقارنتها بحابل ونابل الماضي والحاضر متنبئة بمستقبل لا يسرُّ عدوا ولا صديقا ..
وكم حاولَتْ هذه النسبة قرع ناقوس الخاطرمحذرة من مغبة اللامبالاة الطافحة بسلوكياتنا وافعالنا واعمالنا منبهة الى خطر داهم يتسلل عبر ثغرات غياب الاهتمام وعدم الالتزام وعدم الاتقان .. الخ..
لتتلقى تهكما وسخرية مفادها :اذهب انت وربّك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ..وبالسخافات غارقون .. وبالاستهلاك منغمسون .. وبالتواكل واثقون !
يعني عبر مفهوم معكوس يتم تقييم الأمور .. وعندما نحصد مخرجات مدخلاتنا على خط الانتاج .. نُصاب بالصعقة . كيف .. ولماذا ؟ وأين؟
تساؤلات غريبة عجيبة غير مرتبطة بفلسفة السببيّة .. وأنّ لكل نتيجة سببا ..وسببنا يعود الى عدم إدراكنا أهمية : اعقِل وتوكل ..
وحتى لو نعلم فإننا لا نعمل .. وفق ما نعلم .. بل نعمل العكس تماما !
على اي حال وعلى ما يبدو ان التركيز يزداد على المرأة لتكون شريكا فاعلا مؤثّرا على الصعد كافة .. سواء بالإقتصاد او بالحوار او بالسلام او باجتثاث ثقافة العنف .. او .. او .. الخ مما يعني انها الآن مطالبة وأكثر من اي وقت مضى بان تثبت وجودها ليس من اجل لون عينيها وإنما لأنقاذ ما يمكن انقاذه وقبل فوات الأوان وبخاصة ان الوضع العربي لا يسرّ عدوا ولا صديقا..ويحتاج الى كل فرد عامل فاعل فيه فما بال نصف المجتمع ..المرأة ؟
نعم فُتِحَتْ ابواب التعليم أمامها لتشكّل ما يربو عن نصف عدد الخريجين الا ان مساهمتها بسوق العمل متدنية لأسباب تتعلق بقوانين العمل والأنظمة والممارسات المجتمعية الثقافية كلها بمجموعها غير منصفة لها ..فتراهم يطالبونها بالعمل وبتنمية اوطانها بينما قوانين العمل لا تشكل بنية تحتية مؤهله تجعل تاثيرالمرأة قويا ، مثلا، لغياب دور الحضانة ، ولوجود فجوة الأجور وعدم توفر وسائل النقل ..
أيًّ اقتصاد ستنهض به المرأة وهي لا تستطيع ان تغادر عتبة منزلها لكثرة العراقيل الموضوعة امامها ؟
اين تاثيرها وما فائدته حتى لو تحلت بكل المزايا القيادية فيها من 1- هدوء ،2- انضباط ، 3 – احترام ، 4- ثقة بالنفس ، 5- تواضع ، 6- طيبة القلب ، 7- معرفة الآخرين ، 8 -قوة البصيرة والتنبؤ، 9-المعرفة ، 10-الإيمان بهمتها ،11- القدرة على صنع القرار ، 12- الفاعلية ، 13- الواقعية ، 14 – الالتزام ، 15- التجديد ، 16- التطوير ، 17-المبادرة ، 18-إعطاء المثل النموذج .
حتى لو تحلت بكل هذه الصفات لتكون مؤثرة فلن تقوى على التغيير فلن تستطيع ..فيد واحدة لا تصفق ، لأنه بدون وجود البنية التحتية الملائمة الخصبة بالقوانين المنصفة لها من جهة والثقافة المتقبلة لها من جهة أخرى فالتغيير مستحيل !
كلنا نتفق على تنمية مزايا المرأة القيادية لتمكينها من أجل جعلها قادرة على التأثير لإحداث التغيير المطلوب نحو الأفضل ، والتغيير ليس أي تغيير وانما التغيير المضمّخ بالإبداع والمؤطّر بالشَّغف ..
علما بأن هذا التغيير لن يتم بدون تعبيد البنية التحتية من ثقافة وقوانين .. فكلاهما –الثقافة والقوانين – وجهان لعملة واحدة.. عملة التخلّف او عملة التقدم ..
ترى أية عملة سنختار !