بقلم : عبدالله محمد القاق
أدلى الناخبون الأتراك بأصواتهم ، في استفتاء على منح الرئيس رجب طيب أردوغان سلطات جديدة واسعة، ما قد يمهد لأكبر تغيير في النظام السياسي للبلاد في تاريخها الحديث. وأظهرت النتائج تقدماً بفارق طفيف للمعسكر المؤيد للتصويت بـ «نعم» الذي من شأنه أن يحل نظاماً رئاسياً قوياً محل الديموقراطية البرلمانية، ويرجح ان يبقي أردوغان في السلطة حتى عام 2029 على الأقل. وستحدد النتيجة أيضاً شكل علاقات أنقرة المتوترة مع الاتحاد الأوروبي، بعدما قلصت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، تدفق المهاجرين بخاصة الفارين من الحرب في سورية والعراق إلى الاتحاد الأوروبي. لكن أردوغان يقول إنه قد يراجع هذا الاتفاق بعد الاستفتاء. وبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت نحو 55 مليون شخص يتوزعون على أكثر من 167 الف مركز اقتراع في أنحاء البلاد. اما الناخبون الأتراك في الخارج فأدلوا بأصواتهم الأسبوع الماضي، وبلغت نسبة مشاركتهم في الاستفتاء 44 في المئة. كما شهدت مدينة إسطنبول، انتشار اللوحات الدعائية لمصلحة نعم للدستور في أحد المقرات الانتخابية، في شكلٍ مبالغ فيه، ما أثار غضب المتواجدين. وفي حي أسكودار شوهد العديد من الصور الخاصة بليلة الانقلاب الفاشل في 15 يوليو (تموز) 2016، كمحاولة للتأثير في الرأي العام. أمَّا في مدينة حكاري فتم تعيين جميع أعضاء لجنة الإشراف على الصندوق الانتخابي رقم 212، من حزب العدالة والتنمية الحاكم، علماً انه يفترض تواجد ممثلو كل التيارات كمراقبين خلال الاقتراع بنعم او لا على التعديلات الدستورية المقترحة. كما سجلت اعمال عنف مرتبطة بالاستفتاء اهمها داخل مركز اقتراع في ديار بكر حيث وقع قتيلان وجريح نتيجة عراك بين انصار السلطة والمعارضين الأكراد. يأتي ذلك غداة اعلان السلطات ان مسلحين من الأكراد قتلوا حارساً في هجوم على سيارة كانت تقل مسؤولاً من حزب العدالة والتنمية الحاكم في جنوب شرقي تركيا. وأدلى اردوغان بصوته في اسطنبول معتبراً الاستفتاء تصويتاً على مستقبل تركيا. وقال ان الاستفتاء استثنائي لأنه يمهد لتحول يؤدي الى تسريع النهضة والتطور في البلاد. وظهر أردوغان عشية الاستفتاء في أربعة تجمعات انتخابية في اسطنبول وحض الأتراك على الإقبال بقوة على التصويت هذا وقد راهن الرئيس التركي أردوغان على الفوز بالاستفتاء الذي جرى في 16 نيسان/ أبريل، سعى لتحويل تركيا من نظامٍ برلماني إلى نظام رئاسة تنفيذية، ومن شأنه التصويت بنعم أن يعطيه سلطاتٍ أدانها هذا الأسبوع مجلس التحقيق الأوروبي، كونها سلطاتٍ مفرطةً. منذ محاولة الانقلاب العسكري في الصيف الماضي، استغل أردوغان، وهو السياسي البارع، التهديدات المستمرة للدولة – الحقيقية والمُتخيّلة – لإقناع الشعب التركي أنّه يحتاج إلى نوعٍ مختلفٍ من الديمقراطية. صعوبة الحملة، جعلت حزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP) يتطلع إلى الأتراك المقيمين في أوروبا، وعددهم 4 ملايين، وكثير منهم من حاملي الجنسية المزدوجة، ولهم الحق في التصويت. وكان لدى قادة الحزب سبب للاعتقاد بأن الأتراك في ألمانيا مؤيدين لأردوغان: في تشرين الثاني /نوفمبر عام 2015، عندما أعطى الشعب التركي أردوغان آخر ولاية له في الانتخابات الوطنية، كان قد دعم حزب العدالة والتنمية بين الناخبين الأتراك في ألمانيا 60 في المئة – وهي أعلى بـ 10 في المئة مما كانت عليه النسبة في تركيا. تحتج السلطات التركية أنّه من الطبيعي بالنسبة للسياسيين السفر إلى الخارج؛ بحثًا عن الأصوات بين تجمعات المغتربين، ففي الشهر الماضي، كان إيمانويل ماكرو، مرشح الرئاسة الفرنسية، في لندن يتودد إلى الناخبين الفرنسيين المقيمين في بريطانيا. تنظر تركيا إلى الحظر المفروض على ساستها في تنظيم تجمعاتٍ، وهو ما بدأ في ألمانيا على المستوى المحلي، ولكن كان مدعومًا من النمسا، ثم من هولندا، بوصفه علامةً على أن الخوف من الإسلام، قد كسب المناظرة في أوروبا. بعد فرض الحظر الألماني الأول، صعّد حزب العدالة والتنمية على الفور الخطاب الاتهامي، والتهديد بالانتقام، إلى مستوى أكثر انفعالية، وصوّر تركيا، وحملة نعم، ضحايا مؤامرة، وشجب وزير العدل، بكير بوزداغ K”مرض الألمان الماضي”، وفي الوقت نفسه، أدان ما يُعتقد أنّه “الممارسة الفاشية”، واتهم وزير الاتحاد الاوروبي في تركيا، عمر جيليك، النمساويين “باستخدام لغة العنصريين الأوروبيين.”.